يشعر الكثير منا في الوقت الحالي بـ الخوف والقلق بسبب جائحة كورونا أو كوفيد-19.
وتعتبر هذه العواطف جزءًا من رد فعلنا المبرمجة بيولوجيًا على التهديد، لكنها أيضًا مزعجة وفي بعض الأحيان تكون موهنة.
في مجتمع يركّز على التفاؤل والتفكير البنّاء، من الصعب رؤية أي قيمة لمشاعر الخوف والقلق، وبالتالي قد يكون من المغري البحث عن وصفات لجعلها تختفي.
ولكن ماذا لو نظرنا بدلاً من ذلك إلى الحكمة وراء هذه العواطف وما الذي يمكنها وما لا يمكنها فعله بنا؟
يعتبر الخوف والقلق جزءً من الاستجابة للضغوط، وهو تفاعل معقد بين البشر والعواطف والأفكار والعمليات الفزيولوجية.
حيث تتمثل الوظيفة الرئيسية للاستجابة للضغوط، والمعروفة أيضًا باسم “استجابة القتال أو الهروب”، في إبعادنا عن الخطر، حيث يحشد طاقتنا العقلية والجسدية، لذلك يمكننا إما الهروب من التهديد أو التعامل معه.
لذا عندما نشعر بهذه المشاعر يصبح تفكيرنا وتفاعلنا أسرع، ونصبح أكثر استيقاظًا، وننخرط في سلوكيات من شأنها أن تحافظ على سلامتنا.
عندما تفكر بالخوف والقلق بهذه الطريقة، سترى أنهم يلعبون دورًا هامًا في إبقاءك متوازنًا وجعلك إنسانًا حذرًا بشكل معقول بدلاً من أن تصبح مريضًا نفسيًا متهورًا.
في الوقت الحالي على سبيل المثال ستساعدك هذه المشاعر على التأكد من اتباع الإرشادات الرسمية المتعلقة بالتباعد الاجتماعي والاستعداد لسيناريو البقاء في المنزل.
ولكن لنفترض أنك تتبع الإرشادات وقد لبيت الاحتياجات الأساسية للشعور بالأمان، وما زلت تستمع إلى صوت الخوف والقلق بعد هذه النقطة.
عندها قد ينتج عن ذلك سلوك غير منطقي وغير فعّال.
في حين أنه لا يمكننا فيه اختيار ما إذا كنا نشعر بالخوف والقلق، يمكننا أن نتعلم كيف نتعامل معهما بشكل مختلف.
عندما نعرف ما تفعله هذه المشاعر بقدرتنا على التفكير، سنكون مؤهلين بشكل أفضل لفهم أفكارنا بشكل جيد وعدم السماح لها بالتحكم بنا.
كيف يعمل العقل عند الشعور بالقلق
هنا تكمن المفارقة فقد يبدو أن الخوف والقلق يسرعان من تفكيرك.
لكن هذا التحريض الذهني هو محاولة للهروب، محاولة للوصول إلى مزيد من الأمان.
وهي محاولة خاطئة في موقف لا يمكنك التحكم فيه، حيث تتعثر في حلقة فكرية لا نهاية لها.
من ناحية أخرى فإن زيادة هرمونات الإجهاد التي تصاحب القلق الشديد والخوف تقلل من وصولنا إلى العمليات المعرفية عالية المستوى.
فعندما يفرز الدماغ هرمونات الإجهاد، قد تكون الرؤية الشمولية والتفكير خارج الصندوق والإبداع غير متاحة لنا بشكل مؤقت.
مما يضعف قدرتنا على حل المشكلات واتخاذ القرارات.
علاوةً على ذلك، فإن الخوف والقلق والتوتر يغيّر أيضًا تصوراتنا لنفسر المواقف الغامضة بشكل سلبي ونتوقع الأسوأ.
لكن من المنطقي أن يكون الغرض من وجود القلق والخوف هو الحفاظ على السلامة.
هذا التشويه الشديد للتفكير تحت الضغط يجعل من الصعب اتباع الاقتراحات لفحص صحة أفكارك واستبدالها بأفكار أكثر دقة بهدف الشعور بالتحسن.
لكسب هذا الجدال مع عقلك القلق باستخدام المنطق والعقل، يجب أن يكون لديك المنطق في المقام الأول!
بالإضافة إلى ذلك فإن عقلك القلق يقلّل من أهمية الحقائق التي تتعارض مع التفسير الكارثي.
فعلى سبيل المثال عندما يغمرك الخوف من الموت بسبب فيروس كورونا، فإن الحقيقة التي تقول بأن هناك فرصة 1٪ فقط لن تكون مهدئة.
الرقم الوحيد الذي سيقبله العقل القلق بكل سرور هو ضمان نسبة 100٪، وهذا الضمان لا يستطيع أي شخص أن يوفره.
اقرأ أيضاً: ما هو الرابط بين ضيق التنفس والقلق ؟
ما الذي يمكنك القيام به إن كنت عرضة لـ الخوف والقلق
ربما لا يمكنك اختيار مشاعرك، ولا يمكنك اختيار أفكارك، وكذلك لا يمكنك التخلص منهم.
لكن لا تزال هناك أشياء يمكنك القيام بها لتحقيق قدر أكبر من راحة البال في ظل هذا الوباء.
- قلل من الاستماع للأخبار، اسأل نفسك عن عدد المرات التي تحتاج فيها إلى تحديث معلوماتك للبقاء آمنًا، واعثر على المصادر التي تثق بها، واستبعد كل شيء آخر.
- اهتم بجسمك، فعندما تلبي احتياجات جسمك الأساسية، ستساعد دماغك على الهدوء، هل لاحظت أن العالم مكان أكثر لطفًا بمجرد تناولك الطعام؟
- احصل على قسط كافٍ من النوم، فالنوم الجيد مهم جدًا للاستقرار العاطفي، خاصة نوع النوم الذي نحصل عليه في النصف الثاني من الليل عندما نحلم، فإذا كان الحجر الصحي يمنحك فرصة للنوم، لا تتردد في أخذها.
- دع أفكارك تنطلق ولكن لا تتمسك بها، فلا حاجة في أن تأخذها على محمل الجد، ذكّر نفسك أنه في محاولة حمايتك، قد يتبع القلق والخوف الكثير من الأكاذيب، وبالتالي لا تحتاج دائمًا إلى الانتباه.
لا يمكنك اختيار أفكارك تمامًا كما لا يمكنك اختيار قائمة الأغاني اليوم على قناتك الإذاعية المفضلة، ولكن إذا لم تكن الأغنية رائعة، يمكنك خفض الصوت والقيام بشيء آخر.