يدّل اضطراب ثنائي القطب Bipolar Disorder على ما يمرّ به المريض من تقلّبات مزاجية حادّة وغير مألوفة، تتراوح بين قطبين من الحماسة المفرطة، أو مايسمّى بالهوس والهوس الخفيف mania and hypomania، والاكتئاب الشّديد.
يبقى المريض(في حال لم يُعالج)، حبيسًا بين هذه النوبات، التي تعرقل سير حياته ونشاطاته اليوميّة، من دراسة، أو عمل، أو علاقات اجتماعية، وقد يتفاقم خطرها فتودي بذلك بحياته.
وبسبب التّفاوت في شدّة النوبات وتواترها، صُنّف اضطراب ثنائي القطب إلى عدة أنواع من الاضطرابات، تتشابه جميعها في الخطوط العريضة للأعراض، من حيث نوبات تقلّبات المزاج المتطرفة ما بين كآبة وهوس.
ويُعد أكثر هذه الاضطرابات شيوعًا،اضطراب ثنائي القطب من النوع الأول والثاني.
كيف نُميز بين اضطراب ثنائي القطب من النوع الأول والثاني
- يمر المصاب باضطراب ثنائي القطب من النوع الأول بنوبات هوس(mania) عنيفة، قد تحتاج إلى الرعاية في المستشفى.
أمّا بالنسبة لنوبة الكآبة، فإنّ حدوثها ليس مؤكدًا، وبالتالي لا يعتمد تشخيص الإصابة بالنوع الاول عليها.
- يتميّز الاضطراب من النوع الثاني بنوبات أكثر شدة من الكآبة، تستمر أسبوعين على أقل تقدير،
كما يعاني المريض من نوبة هوس خفيفة واحدة على الأقل(hypomania).
يُساء في الكثير من الأحيان، تقدير خطورة النمط الثاني، فيُصنّف على أنّه أخف حدّة من النمط الأول، ويعود ذلك لنوبات الهوس الخفيفة التي تتخلّله، مقارنة بالنمط الأول.
إلاّ أنّ نوبات الكآبة التي يمر بها المشخّصون بالنمط الثاني، هي في الواقع أكثر شدّة وأطول مدّة من تلك التي في النمط الأول، الأمر الذي يترك أثارًا سلبية على حياة المريض، ويقلّل مع مرور الوقت، وحسب عدة دراسات، احتمالية عودته إلى الحالة الطبيعية بين النوبات.
اقرأ أيضاً: ما هو اضطراب ثنائي القطب : الأعراض والأسباب والعلاج
لكن، ما هي أهم أعراض نوبات الاكتئاب والهوس؟
يتظاهر الاكتئاب عادة بعدّة تظاهرات تتضمن:
- الإحساس بالتّعاسة وعدم الجدوى، ونوبات بكاء مستمرّة
- فقدان الاهتمام بالأشياء، التي كانت عادة تثير حماس المريض.
- الأرق ، أو النوم لساعات عديدة.
- التعب والخمول الدائمين.
- التردد وعدم القدرة على اتخاذ القرارات، ونقص التركيز.
- فقدان الوزن ونقص الشهية، أو زيادة الوزن وزيادة الشهية المرضية.
- التفكير بالانتحار، أو الإقدام عليه.
أمّا بالنسبة لنوبات الهوس والهوس الخفيف، فيكون المريض ضمنها في حالة من النشاط والابتهاج المفرط والغير معهود، ما يفقده القدرة على الحكم المنطقي، والاتصال بالواقع، ويدفعه للقيام بتصرفات مؤذية ومخجلة، تؤثر عليه وعلى من حوله.
كما وتختلف نوبة الهوس عن الهوس الخفيف، من حيث شدّة الأعراض، وعدم تطوّرها إلى حالة تستدعي اللجوء إلى المستشفى، على عكس نوبة الهوس، إلاّ أنّها تبقى ضمن المجال المبالغ فيه والغير منطقي.
ومن الأعراض الأكثر شيوعًا لنوبات الهوس
- الشعور بالنشاط والإثارة بشكل مبالغ فيه (euphoria)،
- تضخم الإحساس بالعظمة والثقة الزائدة بالنفس.
- انخفاض الحاجة إلى النوم.
- إتخاذ قرارات طائشة ومؤذية، كتبذير الأموال.
- ازدياد الرغبة الجنسية.
- فقدان الإتصال بالواقع، والإصابة بأعراض ذهانية وهلاوس.
- قد تستدعي الحاجة لإحالة المريض إلى المستشفى، خلال نوبات الهوس التي يشكل فيها المريض خطرًا على نفسه أو من حوله.
كيف يتم تشخيص المرض؟
يُراجع الطبيب كلًّا من التاريخ المرضي للمريض، والأعراض التي يمر بها والمرتبطة بنوبات الهوس والاكتئاب، وذلك عن طريق طرح العديد من الأسئلة المتعلقة بسلوك المريض ومزاجه، لهذا السبب، يعد من الضروري أن يُرافق المريض أحد أقربائه أو معارفه، للإجابه بدقة على تلك الاسئلة والوصول للتشخيص السليم.
إلى جانب ذلك، فمن المهم، أن يضع الأخصائي، تشخيص تفريقي للحالة المرضية لاستبعاد الاضطرابات النفسية الأخرى، والتي من الممكن أن تتداخل أعراضها مع اضطراب ثنائي القطب.
بالإضافة إلى اختبارات الدم، والرنين المغناطيسي للدماغ(MRI)، وتخطيط الدماغ(EEG)، التي تُساعد في نفي احتمالية الأمراض العضوية الأخرى.
ما هي مسبّبات اضطراب ثنائي القطب؟
على الرغم من عدم تحديد سبب واضح ودقيق للإصابة بثنائي القطب، يُشير الباحثون في عدد من الدّراسات إلى الرّابط بين اضطراب ثنائي القطب والعوامل الوراثية،
حيث تزداد احتمالية الاصابة في حال وجود أقارب من الدرجة الأولى تم تشخيصهم بالمرض.
كما وقد تلعب التغييرات الفيزيولوجية في الدماغ دورًا مهمًا في تحفيز الإصابة به، إضافة إلى ذلك، يعتقد الباحثون أنّ التوتر والضغوط النفسيّة الشديدة، والأحداث والمواقف الحياتيّة الصادمة كفقدان شخص عزيز، أو الإفراط في تعاطي المخدرات والكحوليات، كلّها عوامل خطورة تؤهب حدوث المرض.
ما هي طرق علاج الاضطراب؟
لا يوجد علاج شافي لاضطراب ثنائي القطب، كونه اضطراب مزمن يُرافق المريض طوال حياته.
إلاّ أن المعالجات المتّبعة، تخفف من شدّة وتواتر النوبات، وتمكّن المريض من ممارسة حياته بشكل طبيعي ومتوازن.
يُشارك الأطباء عادة بين نوعين من العلاجات، العلاج الدوائي، والعلاج النفسي.
يعتمد العلاج الدوائي على مثبتات المزاج، والعديد من الأدوية الأخرى كمضادات الذّهان ومضادات الاكتئاب، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة الالتزام بالدواء كما تم وصفه.
كما وقد يكون العلاج بالصدمات الكهربائية (ECT)، خيارًا في بعض الحالات الخطيرة،
بالإضافة إلى ذلك، من المهم أن يغيّر المريض عاداته الحياتيّة الخاطئة، ويستبدلها بنظام أكثر صحيّة، فيتبع حمية غذائية معينة، ويلتزم بممارسة بعض التمرينات الرّياضية، ويحاول الابتعاد عن التوتر ، ويضبط ساعات نومه.
إضافة إلى ذلك، يشدّد الأطباء على ضرورة تواجد العائلة والأصدقاء إلى جانب المريض لدعمه ورعايته، وإلى تثقيف المريض ومن حوله بالمرض وأعراضه ومضاعفاته، وذلك لزيادة فهمه وتبرير تصرفاته واحتوائها.
على الرغم من تأثيرات اضطراب ثنائي القطب السلبية التي تطال جميع جوانب الحياة، يكون العلاج في أغلب الحالات قادرًا على ضبط نوباته وإعادة المريض إلى نمط حياة طبيعية، لذلك أيًّا كان نوع الاضطراب، من المهم جدًا الالتزام بالخطة العلاجية الموضوعة، والعمل على زيادة وعي المريض ومحيطه الاجتماعي حول الاضطراب وأعراضه وطرق التعامل معه.
المصادر