احذر، فهو أكثر من مجرد مزاج سيء!
الاكتئاب الصّباحي (morning depression)، هو جزء من التغييرات المزاجية اليوميّة والتي تعرف باسم (diurnal variation).
حيث تتجلى فيه أعراض الاكتئاب الحادّة في ساعات الصباح بعد الاستيقاظ، وتختفي هذه الأعراض أو تخف تدريجيًّا عند مُضيّ اليوم، في الظهيرة والمساء.
فقد يغرينا جميعًا في كثي من الأحيان، دفء السرير، أو يمنعنا التعب والأرهاق من النهوض للعمل.
لكنّ الشعور باللّاجدوى، وانعدام الرغبة في معرفة ما يخبئه لنا اليوم الجديد، هو بالضّبط ما يسيطر على ذهن مريض الاكتئاب الصباحي.
يشخّص الأطباء مرض الاكتئاب وفق الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5).
ويعدّ الشخص مصابًا بالاكتئاب، إذا ما عانى من 5 أعراض أو أكثر، من الأعراض المدرجة في الدليل، وذلك لمدة لا تقل عن أسبوعين.
ما هي أهم الأعراض التي ترافق مرضى الاكتئاب الصباحي؟
تدق ساعة هجوم الأعراض الاكتئابية الحادّة، في ساعات الصباح الأولى بعد الاستيقاظ مباشرة، وتنخفض حدّتها أثناء اليوم.
يعاني المريض من أعراض الاكتئاب السريرية المعروفة، مضافًا إليها عدة أمور تميّز الاكتئاب الصباحي منها.
- يشعر المريض باليأس والحزن والإرهاق، وفقدان الإهتمام بالأشياء والأشخاص.
- كما يجد صعوبة في النهوض من السرير، والقيام بالمهام الصباحيّة البسيطة، كتنظيف الأسنان أو تغيير الملابس.
- من الممكن أن يتظاهر الاكتئاب بتظاهرات والآم جسدية، تمنع المريض من مغادرة فراشه.
- يفقد تركيزه وقدرته على استيعاب الأمور، ويتشوّش ذهنه.
- إضافة لذلك، تنخفض مستويات طاقة مريض الاكتئاب الصباحي، ويشعر بأنه غير مستعد لبدء يوم جديد.
ولكن، هل للاكتئاب الصباحي أسباب ومحفزات؟
على الرغم من عدم وجود أسباب واضحة للإصابة بالاكتئاب الصباحي،
- الّا أنّ اضطراب الساعة البيولوجية للجسم تعد المتهم الأول للاصابة به،
تضبط الساعة البيولوجية مواعيد النوم والاستيقاظ، وتكون مسؤولة عن عمل الأعضاء الحيوية الأخرى، فتنظم عدد ضربات القلب ودرجة حرارة الجسم وحالة المزاج.
وبناءًا على هذا النظام، يفرز الجسم الهرمونات المناسبة لكل وقت.
فيتركّز إفراز الميلاتونين أثناء النوم، بينما يأخذ الكورتيزول محله عند الاستيقاظ.
لذلك فاضطراب الساعة البيولوجية يؤدي إلى خلل في افراز هذه الهرمونات في غير أوقاتها.
الأمر الذي يجعل المريض يعاني من التعب والإرهاق في الصباح، ويعرّضه للعديد من مشاكل واضطرابات في النوم.
- كما أنّ كمية ضوء الشمس التي يتعرض لها المريض لها دور في تحفيز الإصابة بالاكتئاب الصباحي.
- ولا يمكن إهمال الأثر الذي تتركه الأحداث الحياتية الصادمة والتغييرات الاجتماعية المفاجئ، كالطلاق أو فقدان شخص عزيز، على تطور إصابته بهذا المرض.
- وقد يكون لوجود تاريخ عائلي للإصابة بالاكتئاب، دور في تطور الإصابة بالاكتئاب الصباحي.
- كما يرجّح الباحثون وجود صلة بين حالات مرضية معينة، كمشاكل النوم والقلق والألم المزمن واضطراب فرط النشاط ونقص الانتباه(ADHD)، وبين الإصابة به.
كيف تتم معالجة الاكتئاب الصباحي؟ وما هي أهم النصائح للتعامل معه ومواجهته؟
- تتمحور الخطورة الأولى في علاج أي اضطراب نفسي، حول جلسات العلاج الحواريّة مع المختص النفسي.
الذي يحاول بدوره مساعدة المريض على تمييز الأفكار السلبية الخاطئة، وإدماج السلوكيات الإيجابية الفعّالة على روتينه.
- ويلجأ الأطباء لوصف الأدوية لبعض المرضى، وقد يستغرق إيجاد الدواء المناسب والجرعة الملائمة لكل مريض بعض الوقت.
- كما يدمج بعض المختصين النوعين السابقين لمحاربة الاكتئاب الصباحي للمريض.
- إلى جانب ذلك، تقترح عدد من الدراسات، إخضاع المريض إلى جلسات العلاج بالضوء (BLT).
وهي عبارة عن تسليط ضوء معين على وجه المريض لمدة ثلاثين دقيقة في اليوم، الأمر الذي له أثر علاجي مبشّر على مرضى الاكتئاب الصباحي.
بالاضافة إلى ذلك، فإنّ التغييرات التي يجريها المريض على روتين يومه لا تقل أهمية عن الأساليب العلاجية السابقة.
- فتعدّ الرياضة وممارسة التمرينات اليومية في الخارج، من أهم الأمور التي تؤثر إيجابًا على نفسية مريض الاكتئاب الصباحي.
فتزيد نشاطه وتعرّضه لضوء الشمس في الصباح، وتحسن من نومه في الليل.
- كما تساعد عادات النوم الصّحية المريض، على التغلب على مشاكل واضطرابات النوم.
كتنظيم ساعات محددة للنوم والاستيقاظ، والابتعاد عن تناول المشروبات والأطعمة الحاوية على الكافيين قبل النوم،
- ولا يمكن الاستهانة بالدور الذي يلعبه الحديث الإيجابي مع النفس، والابتعاد عن جلد الذات، ووجود الأهل والأصدقاء إلى جانب المريض.
- وقد يحاول المريض تحفيز نفسه على النهوض من السرير، وذلك بوضع مكافآت معينة ( كفنجان قهوة لذيذ، أو وجبة فطور مغذية)، تزيد من رغبته في الاستيقاظ، والتطلع لبدء اليوم.
المصدر: