ما هو اضطراب دوروية المزاج وما هو علاجه؟
تتأثر الحالات المزاجيّة عادةً، لأيّ منّا، بالظروف المحيطة بنا، وتتبدل بين الحزن والسّعادة، وبين الحماس والتعب.
في حين يتناوب حدوث هذه المنخفضات والمرتفعات المزاجيّة (ما بين كآبة وابتهاج)، لدى المصاب باضطراب المزاج الدوروي cyclothymia بصورة متكرّرة، وبشكل مفاجئ، وبوتيرة أشد من المعهود، بحيث لا يستطيع التحكم بها، أو ضبطها.
وعلى الرّغم من كون هذا الاضطراب الشكل الأخف شدّةً من اضطراب ثنائي القطب، سواءًا النوع الأول أو الثاني، إلّا أنّ احتمالية تطور المرض (في حال لم يعالج) إلى ثنائي القطب، عالية جدًّا.
لهذا السبب من المهم، أن يلجأ من يعاني من نوبات التقلب المزاجي غير المعتدل، إلى الطبيب المختص، لوضع التشخيص الملائم والصحيح، بالتالي ضبط هذه النوبات، والحد من احتمالية تطورها.
وتبدأ أولى خطوات العلاج، في زيادة الوعي حول الاضطراب، والتّعرف إلى أعراضه وأسبابه وطرق علاجه.
اقرأ أيضاً: ما هو اضطراب ثنائي القطب : الأعراض والأسباب والعلاج
أعراض اضطراب دوروية المزاج
تتناوب على مريض اضطراب المزاج الدورويّ، نوعين من النوبات المتناقضة، والمتكررة خلال كلّ شهرين كحد أقصى.
فمرةً يسيطر الاكتئاب على أيامه، ويفقد اهتمامه بالأشياء والأشخاص، ويشعر بالتعب، ويعاني من قلة النوم، واضطرابات في الأكل، وقد يصل به الأمر إلى التفكير في الانتحار.
لكنّ هذه النوبة لا تستمر طويلًا، ولا تكون شديدة لتُصنف كاكتئاب سريري، أو لتعرقل نشاطاته اليومية.
من ثمّ تأتي نوبة الهوس الخفيف (hypomania) لتأخذ محلّها، فترتفع معنويات المريض ويشعر بالنشوة والنشاط بصورة مبالغة، ويفقد قدرته على التركيز أو الحكم المنطقي، وتقل حاجته للنوم، وتسبّب قراراته الطائشة والمؤذية العديد من المشاكل والمخاطر التي تؤثر عليه وعلى من حوله.
تكسر حلقة التقلّبات المزاجية هذه فترات من الراحة والهدوء يعود فيها المريض إلى وضعه المستقر ويتعدّل مزاجه.
اسباب اضطراب دوروية المزاج
من غير المعروف، حتى الآن، ما الذي يُسبّب اضطراب دورويّة المزاج على وجه التحديد،
في حين، بيّنت العديد من الأبحاث، الدور الذي تلعبه العوامل الوراثية في تحفيز الإصابة،
إضافة إلى ذلك، من المرجح أن تكون الأحداث الحياتيّة الصادمة وفترات الضغط والتوتر النفسي، عوامل خطورة تؤهب للإصابة بالاضطراب.
علاج اضطراب دورويّة المزاج
يشارك الأطباء عادةً، بين نوعين من أنواع العلاج، علاج دوائي، وعلاج نفسي.
تهدف هذه المشاركة إلى خفض احتمالية عودة ظهور الأعراض، والتخفيف من حدتها، إلى جانب الحدّ من تطورها إلى اضطراب ثنائي القطب الأكثر شدة.
- تعتمد المعالجة الدوائية، على مثبتات المزاج كاللّيثيوم ومضادات الاكتئاب ومضادات الصّرع.
من الجدير بالذكر أنّ لجميع هذه الأدوية آثار جانبية، ولا يجب أن تُؤخذ إلاّ بإشراف الطبيب المختص.
- في الوقت نفسه، تلعب جلسات العلاج النفسي دورًا مهمًا في إعادة التوازن إلى حياة المريض، حيث يلجأ المعالج في كثير من الأحيان إلى عدّة أنواع من العلاجات، منها العلاج المعرفي السلوكي (Cognitive Behavioral Therapy-CBT) الذي يساعد المريض على إدراك سلوكياته ومعتقداته السلبية واستبدالها بأخرى إيجابية، إضافة إلى تعليمه استراتيجيات التعامل مع ضغوط الحياة اليومية، والوقائع المزعجة أو الأليمة.
وعلى الرغم من كون أعراض اضطراب دورويّة المزاج خفيفة قد لا تقف عائقًا في البداية أمام حياة المريض،
إلاّ أنّ الإهمال في مراجعة الطبيب المختص، والبدء بخطوات العلاج مبكرًا، يمهد الطريق لتطور المرض نحو الأسوء، فقد تتفاقم نوبة الهوس الخفيف لنوبة هوس حادّة، وقد يتطور الاكتئاب البسيط إلى نوبة اكتئاب شديدة، من الممكن أن تدفع بالمريض نحو الانتحار، لذلك يعد التشخيص المبكر للاضطراب من أهم الطرق التي تعيد التوازن إلى حياة المريض وأيامه، وتمكّنه من التعايش مع الاضطراب المخفّف عبر العلاج، وإبعاد احتمال تطوره إلى اضطراب ثنائي القطب.
المصادر